سألني أبي بلهْفَه: أين أختُك؟ لم تأتي اليوم صحيح؟ كان قد اعتاد على زيارتها كلَّ جمعة له، إتصلتُ بها
لأعرف سبب عدم مجيئها، فقالت لي: ليس لدي مال لشراء الطعام أو حتى أجرة المواصلات، قولي لأبي أنَّ ابنتي مريضة فقط لذالك لم أستطع الذهاب له، وأنا سأحاول المجيء الأسبوع القادم إن تمكنت من الإقتراض، كان أبي يقف بجانبي ويستمع للمكالَمَه ورأيت الحزن قد ملأ وجهه، قال لي هيا سنخرج،
أخذني معه بسيارته وذهبنا للسوق واشترينا كل ما يمكن أن تحتاجه أختي، ثم ذهبنا إلى منزلِ أختي، عندما وصلنا ودخلنا استقبلتنا بسعادة كبيرَه وكان الفرح يملأ وجهها، منذُ إثني عشر عاماً من زواجها كانت هذه أول مرة يزورها أبي ويدخل منزلها، لم يصدق أبي ما رآه، فقد رأى حياتها البسيطة جدا والجدران المتشققة، وإبنتها الصغيرة ذات الاحتياجات الخاصة التي لم يرها من قبل، أخذ يدور في المنزل، ينظر هنا وهناك، ثم جلسنا جميعاً، وبينما كنا نشرب القهوه، جاء زوج أختي من العمل، كان رجلاً طيباً مخلصاً ونقياً رغم صعوبة ظروفه، صافحَ أبي ورحب به بكل سعادَه، ثم قال له: دقيقة يا عمي سأرجع في الحال! خرج ثم عاد حاملاً بعض الطعام واللحم، وأصر على أن يتناول أبي العشاء معهم، حينها قال له أبي،
اعذرني يا بُني، لقد كنت مخطئا كثيراً في حقك، كنتُ أظن أنكَ لستَ أهلاً لابنتي، لكنني أرى الآن أنك رجلٌ بمعنى الكلمَه، رغم أنَّ زوجتكَ لم تحصل على نصيبها من الميراث، لم أركَ يوماً تشتكي أو تحقد علي، كلَّ أسبوع كنت ترسل الطعام لأجلي، من تلك اللحظة، قرر أبي تصحيح أخطائه بعد أن ندم عليها،
افتتح له متجراً واشتري لهم شقة جديدة وساعدهم مالياً وتكفلَ بعلاج إبنتهما، وكان يقول لي دائماً: الحمدلله أنني أدركت خطأي قبل فوات الاوان، كنت على وشكِ ارتكاب ظلم كبير...
التسميات
قصص درامية